الأدب مع الحبيب صلى الله عليه وسلم

ومن حبه وتعظيمه ـ صلى الله عليه وسلم ـ الأدب معه، فالأدب معه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أدب مع الله، إذ الأدب مع الرسول هو أدب مع المُرْسِل ـ سبحانه ـ، كما أن طاعة الرسول طاعة لله تعالى، كما قال الله: { مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً }(النساء:80)، فلا يُتصور محبته ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع سوء أدب معه، ومن هنا قال ابن تيمية : " إن قيام المدحة والثناء عليه والتوقير له ـ صلى الله عليه وسلم ـ قيام الدين كله، وسقوط ذلك سقوط الدين كله .." .
ويقول ابن القيم : " وأما الأدب مع الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فالقرآن مملوء به ، فرأس الأدب معه كمال التسليم له والانقياد لأمره، وتلقي خبره بالقبول والتصديق، دون أن يحمله معارضة خيال باطل يسميه معقولاً، أو يحمله شبهة أو شكا، أو يقدم عليه آراء الرجال وزبالات أذهانهم، فيوحده بالتحكيم والتسليم، والانقياد والإذعان، كما وحد المُرْسِل بالعبادة والخضوع، والذل والإنابة والتوكل، فهما توحيدان لا نجاة للعبد من عذاب الله إلا بهما : توحيد المُرْسِل، وتوحيد متابعة الرسول فلا يُحاكم إلى غيره .." ..
الأدب القلبي:
الأدب القولي :
أما النوع الثالث للأدب مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
الأدب العملي :
وهو ما يتعلق بعمل بالجوارح، ويكون بالعمل بشريعته، والتأسي بسنته ظاهراً وباطنا، والتمسك بها والحرص عليها، والدعوة إليها، وتحكيم ما جاء به ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الأمور كلها، والسعي في إظهار دينه، ونصر ما جاء به، وطاعته فيما أمر به، واجتناب ما نهى عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
قال القاضي عياض : " اعلم أن من أحب شيئاً آثره وآثر موافقته، وإلا لم يكن صادقا في حبه وكان مدعياً، فالصادق في حب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من تظهر علامة ذلك عليه، وأولها الاقتداء به واستعمال سنته، واتباع أقواله وأفعاله، وامتثال أوامره واجتناب نواهيه، والتأدب بآدابه في عسره ويسره، ومنشطه ومكرهه، وشاهد هذا قوله تعالى: { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ }(آل عمران:31) ".
ويقول ابن القيم : " ومن الأدب معه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن لا يُسْتشكل قوله، بل تستشكل الآراء لقوله، ولا يُعارَض نصه بقياس، بل تهدر الأقيسة وتلقى لنصوصه، ولا يوقف قبول ما جاء به الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ على موافقة أحد " ..
ومن ثم لا يُتصور ممن يدعي حب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والأدب معه إلا أن تنطلق جوارحه بطاعته واتباعه، واتخاذه قدوة وأسوة، فليس الأدب معه ـ صلى الله عليه وسلم ـ مجرد كلمات مدائح خالية من الاتباع والعمل، بل الأدب معه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يكون إلا بمحبة صادقة تستوجب اتباعه فيما أمر به، واجتناب ما نهى عنه، واتخاذه ـ صلى الله عليه وسلم ـ قدوة في الظاهر والباطن، والعبادات والمعاملات والأخلاق، قال الله تعالى: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ }(الأحزاب: من الآية21)
0 commentaires: