الاضطراب السلوكي أثناء النوم .. الأعراض والعلاج

يشتكي كثير من الناس من خلو نومهم من الأحلام على الرغم من كونه نوما طبيعيا. ويعاني ما يقرب من 1% من الأفراد ـ وأكثرهم من الرجال بعد سن الخمسين ـ من هذا الاضطراب السلوكي اللاإرادي وهو مجهول السبب في أكثر من 60% من الحالات.
وتصل نسبة الاستجابة للعلاج بفعالية إلى 87% من الحالات. الزوجة هي الأكثر تضررا من هذه المشكلة التي تؤثر على طبيعة نومها وإصابة جسمها باللكم والركل الذي ينتاب زوجها من جراء تمثيل الأحلام.
هذا الموضوع شيق ومحير في نفس الوقت ويسبب حرجا لصاحبه، لأن الإنسان يمر أثناء نومه الطبيعي بعدة مراحل يمكن رصدها بدقة عن طريق فحص النوم الذي يقوم بتسجيل موجات الدماغ وتوتر العضلات ورصد حركة التنفس ونبضات القلب.
وينتقل النائم أثناء نومه خلال 5 ـ 6 دورات تبلغ مدة كل دورة منها 90 إلى 120 دقيقة وتتكون كل منها من مرحلة النوم غير الحالم NREM ومرحلة النوم الحالم REM، حيث تظهر مراحل النوم غير الحالم (1 ـ 4) في الساعات الأولى من بداية النوم تتبعها مرحلة النوم الحالم بشكل مكثف في النصف الأخير من الليل.
وعلى الرغم من مرور الإنسان النائم عبر مرحلة النوم الحالم، إلا أنه من غير اللازم أن يتذكر الإنسان ما رأى من أحلام عند الاستيقاظ، بل إن كثيرا من الناس يشتكي من خلو نومه من الأحلام على الرغم من نومه الطبيعي.
ولكن في المقابل، تتأثر مرحلة النوم الحالم بكثير من اضطرابات النوم التي قد تحرم الإنسان المصاب بها من قضاء الوقت المناسب فيها ـ كانقطاع التنفس أثناء النوم ـ أو تؤدي إلى زيادة نسبتها عن الطبيعي بشكل كبير مما قد ينتج عنه عدة اضطرابات سلوكية مصاحبة للنوم أو الاستيقاظ.
فمن المعتقد أن مرحلة النوم الحالم تساعد على تذكر المعلومات المهمة ـ كما هو مرغوب في أيام الاختبارات ـ ونسيان بعض التفاصيل غير المهمة في خضم حياتنا اليومية، كما أن من الثابت زيادة نشاط المخ بشكل كبير تزامنا مع حدوث الأحلام وحركة العينين السريعة وارتفاع ضغط الدم المفاجئ واضطرابات في عمق وإيقاع التنفس.
وتتميز مرحلة النوم الحالم ـ كما يتضح من اسمها ـ بالأحلام الواضحة والمتسلسلة والتي عادة ما يتذكر الإنسان معظم تفاصيلها عند الاستيقاظ بخلاف الأحلام الواردة في مرحلة النوم غير الحالم. ومن أهم الخصائص الفريدة لمرحلة النوم الحالم عدم قدرة الشخص النائم على تحريك أطرافه نظرا للارتخاء الشديد والمطلق الذي يصيب العضلات الطرفية كعضلات الذراعين والساقين.
وتأتي أهمية هذه الخاصية الطبيعية كضمان بعدم قيام الجسم بمحاولة التحرك أو رد الفعل في خضم الصور والأحداث المختلفة التي ترد خلال النوم الحالم.
وتحتوي معظم هذه الأحلام على أحداث توصف بالمزعجة أو الغريبة وأحيانا بالمخيفة حيث يصف كثير من المصابين بهذا الاضطراب عند الاستيقاظ ردة فعلهم كدفاع بسبب هجوم عليهم أو هروبهم من خطر محدق بهم إلا أن بعضها يكون حلما عاديا.
وفي العادة لا يتذكر الشخص عند الاستيقاظ ما كان يفعله أثناء النوم من اضطرابات في الحركة إلا أنه يتذكر وبشكل واضح تسلسل أحداث الحلم الذي مر به.
ويعتقد أن نسبة المصابين بهذا الاضطراب أكثر من المعروف علميا، نظرا لأنه من الاضطرابات اللاإرادية التي تسبب حرجا لصاحبها ولكنها لا تتسبب في ضرر مباشر له في معظم الأحيان ولا تؤدي إلى تأرقه أثناء النوم.
ويضطر كثير من المرضى الرجال ـ وهم الفئة الأكثر تعرضا لهذا الاضطراب ـ إلى زيارة الطبيب بعد فترة ليست بالقصيرة بعد إلحاح الزوجة نظرا لمعاناتها الشخصية من تأثير المشكلة على طبيعة نومها واضطرارها للاستيقاظ المتكرر أو إصابتها إصابات جسدية ومعنوية متكررة أثناء نوبات اللكم أو الركل التي تنتاب زوجها.
وفي بعض الأحيان تؤدي مثل هذه الحركات إلى إصابة المريض نفسه بأضرار جسدية بسبب اصطدامه ببعض الأثاث مما يعرضه للكسر خلال قيامه بتمثيل بعض الأحلام التي يراها كالهرب من حيوان مفترس أو الدفاع عن نفسه أثناء عراك.
كما قد يسبب وقف تناول الكحول المفاجئ وبعض أدوية الاكتئاب مثل البروزاك وغيره من الأدوية التي تثبط مرحلة النوم الحالم إلى إثارة وتفاقم حالات تمثيل الأحلام كأعراض انسحابية.
وعادة ما يلجأ الطبيب إلى فحص المريض في مختبر النوم أثناء الليل ورصد مراحل النوم ومتابعة المريض بكاميرا تسجل جميع حركاته بدقة حيث يتميز هذا الاضطراب بزيادة توتر العضلات غير الطبيعي أثناء مرحلة النوم الحالم كما يمكن مباشرة رؤية المريض وقيامه بالحركات الغريبة أثناء هذه المرحلة.
0 commentaires: