أزمة العالم الرأسمالي الكبرى لسنة 1929
مقدمة : في سنة 1929 اندلعت الأزمة الاقتصادية في الولايات المتحدة الأمريكية ، ومنها امتدت إلى باقي البلدان الرأسمالية والمستعمرات. فما هي أسباب ومظاهر هذه الأزمة داخل الولايات المتحدة الأمريكية ؟ وكيف انتشرت هذه الأزمة في باقي العالم الرأسمالي ؟ وما هي طرق مواجهتها ؟ الأزمة الاقتصادية في الولايات المتحدة الأمريكية : ارتبطت الأزمة الاقتصادية بطبيعة النظام الرأسمالي : صعوبة التسويق الداخلي : ابتداء من الحرب العالمية الأولى ، عرف الإنتاج الاقتصادي الأمريكي تطورا سريعا بفعل تزايد التركيز الرأسمالي وتقدم التقنيات والأساليب . في المقابل فالدخل الفردي الأمريكي لم ينمو إلا بوثيرة بطيئة مما أدى إلى تضخم الإنتاج. صعوبة التسويق الخارجي: أعادت الدول الأوربية بناء اقتصادها، وأصبحت تنافس الولايات المتحدة الأمريكية في الأسواق الخارجية . في نفس الوقت تزايدت المزاحمة اليابانية . في ظل انتشار المنافسة الأجنبية أخذت الدول الرأسمالية بالحماية الجمركية ( فرض قيود على الواردات) المضاربات البورصوية : أمام انتشار فكرة الازدهار الأمريكي وتزايد المضاربات المالية في بورصة وول ستريت بنيويوك ، عرفت أسعار الأسهم ارتفاعا كبيرا إلى درجة أنها فاقت مداخيلها . فكانت النتيجة هي إفلاس المساهمين. تدرجت مظاهر الأزمة الاقتصادية والاجتماعية على الشكل الآتي : تضخم الإنتاج -انخفاض الأسعار. إفلاس الشركات الصناعية والتجارية والمؤسسات المالية والفلاحين - طرد العمال - انتشار البطالة - انخفاض الأجور- القيام بالإضرابات والمظاهرات - وحدوث الهجرة القروية . انتشار الأزمة في باقي العالم الرأسمالي : انتقلت الأزمة إلى باقي العالم الرأسمالي بطرق متعددة : * بعد اندلاع الأزمة سحبت الولايات المتحدة الأمريكية رساميلها من الخارج ، وبالتالي تضررت الدول الأكثر ارتباطا بالرأسمال الأمريكي. في نفس الوقت استرجعت الولايات المتحدة الأمريكية القروض الخارجية وخفضت المساعدات . * أدى نهج الحماية الجمركية إلى تدهور المبادلات الدولية، وتضخم الإنتاج الصناعي في الدول الرأسمالية، وتراجع وثيرة التصنيع وبالتالي انخفاض الطلب الخارجي على المواد الأولية التي تشكل صادرات المستعمرات . في نفس الوقت تزايد الاستغلال الاستعماري. تأزمت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في باقي العالم الرأسمالي : * في الفترة 1929-1932 : انخفض الإنتاج الصناعي والفلاحي وتراجعت المبادلات الدولية . في المقابل ارتفعت نسبة البطالة. * كانت ألمانيا أكثر الدول الأوربية تأثرا بالأزمة بفعل ارتباطها الشديد بالرأسمال الأمريكي. في المقابل فبريطانيا وفرنسا تأثرتا بدرجة أقل أمام اعتمادهما على المستعمرات. وتضرر اليابان من تدهور المبادلات التجارية فلجأ إلى إغراق الأسواق الخارجية بالبضائع الرخيصة. طرق مواجهة الأزمة الاقتصادية : الخطة الجديدة ( نيوديل Nw deal ) في الولايات المتحدة الأمريكية كنموذج عن الدول الديمقراطية : * وضع الرئيس فرانكلين روزفيلت الخطة الجديدة منذ سنة 1933 والتي تضمنت الإصلاحات الآتية : - في الميدان المالي : فرض رقابة الدولة على الأبناك والبورصة ، وتخفيض قيمة الدولار، ومنع تصدير الذهب والأموال. - في الميدان الفلاحي : تقديم تعويضات للفلاحين الراغبين في تخفيض الإنتاج، وتقديم مساعدات للفلاحين المثقلين بالديون. - في الميدان الصناعي : تقليص الإنتاج وتخفيض مدة العمل. - في الميدان الاجتماعي : إنجاز مشاريع كبرى لتشغيل العاطلين ،وإحداث تعويضات البطالة والتأمين على الشيخوخة ،وتحديد الحد الأدنى للأجور. * أعطت الخطة الجديدة نتائج إيجابية في الفترة 1933- 1937 حيث انتعش الاقتصاد الأمريكي وانخفضت نسبة البطالة. لكن منذ 1938 أصبحت هذه النتائج سلبية حيث تجددت مظاهر الأزمة بسبب عدم التزام الأمريكيين بإجراءات الخطة الجديدة. تدخلت الدولة النازية الألمانية في الاقتصاد كنموذج عن الأنظمة الفاشية (1933-1945) : * لمواجهة مخلفات الأزمة الاقتصادية اتخذت الدولة النازية الألمانية الإجراءات الآتية : - تحديد الإنتاج والأسعار والأرباح ، ومراقبة المبادلات التجارية. - فرض نظام التعاونيات المختلطة. - تخفيض الأجور ومنع الإضراب. - فصل المارك الألماني عن الارتباط بالذهب. - تشغيل العاطلين في الخدمة العسكرية الإجبارية وأوراش الأشغال العمومية وصناعة الأسلحة. خاتمة : ساهمت مخلفات الأزمة الاقتصادية في توتر العلاقات الدولية ، وبالتالي اندلاع الحرب العالمية II . |
0 commentaires: